العنود آل ثاني
هناك آيات ما إن نسمعها حتى تغشى نفوسنا الطمأنينة والارتياح، وقد يختلف الأشخاص في وقع وتأثير الكلمات عليهم، ولكن غالبية الناس يزيد خشوعها وتتفاءل وتطمئن عند سماع آيات الرحمة والعطاء والخير من الله سبحانه وتعالى، وتستبشر خيراً، ولعل الآية {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى} من أبلغ الآيات التي توحي بعطاء الله ورزقه وبركته للإنسان المؤمن.
كما أن في القرآن الكريم آيات عظيمة تدعونا للتفاؤل، وتبث في النفس طاقة جميلة، وتُشعرنا بأن الله معنا في جميع الأوقات، وأي حزن قد يقع فيه الإنسان سيتجاوزه بفضل من الله؛ فـ {إِنَّ مَعَ

الْعُسْرِ يُسْراً}، ليس بعد العسر، وإنما معه، بشرط أن يكون إيماننا قوياً بذلك وثقتنا عظيمة بالله؛ فالمشكلة في من تكون ثقتهم بالله مهزوزة؛ فهذا كفيل بإبقاء الحال على ما هو عليه وتأخر الفرج.
وكتابنا العظيم مليء بهذه المبشرات التي تبعث فينا أملاً، وتضيء صدورنا نوراً عندما يعتم ما بداخلها، والله سبحانه يقول: {إِنَّ اللهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ}، وهذه الآية تذكّرني بامرأة من معارفي تبدو عليها علامات التقى والورع، وهي لا ترى عاملاً في الشارع إلا وسارعت بإعطائه شيئاً، سواء مالاً أو طعاماً، وكثيراً ما أتذكر هذه الآية عندما أرى هذه المرأة بالذات. ويجدر القول عندما أتحدث عن الإحسان أن نتذكر أن الإحسان ليس بالمال فقط، وإنما يجب أن يكون في مختلف تعاملاتنا في هذه الحياة، ولا سيما أقوالنا؛ فالإحسان بالكلام، واللطف بالأقوال، من أعظم أوجه الإحسان لدى الإنسان، خاصة وأن الله أمرنا بذلك: {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً}. فلنراقب كلامنا وما يخرج من أفواهنا طوال اليوم، وما تكتبه أيدينا في رسائل وسائل التواصل الاجتماعي، هل يغلب عليه الحسن أم السوء؟ الجمال أم القبح؟ اللطف أم القسوة؟ التواضع أم التكبر والتفاخر؟ الاحترام أم التهكم والسخرية؟! هل ندفع بالتي هي أحسن أم نعامل بالمثل؟! وربما أشد من المثل! فمن يخطئ بحقي أرد له الصاع صاعين! هل نحن من عباد الرحمن الذين إذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً؟! أم نحن من الذين ينزلون إلى مستوى الجاهلين ويردون عليهم بالأسوأ؟! وقد يقول قائل: «لسنا ملائكة لكي نفعل كل ذلك»! ولكن الله هنا لم يصف الملائكة، بل وصف عباده!
إذا التزمنا بالتقوى والإحسان في كل شيء، فإن فرج الله قريب؛ فهو {مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ}، وهذه الآية الكريمة تسبقها آية عظيمة تدعو إلى الصبر، وتخبرنا بأن الصابرين سيكونون في حفظ الله ومعيته، يقول سبحانه: {وَاصْبِرْ وَما صَبْرُكَ إِلَّا بِاللهِ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ * إِنَّ اللهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ}. فلنسأل الله من فضله أن يرزقنا الصبر والتقى والإحسان في كل شيء.;

JoomShaper