ناريمان عثمان-مخيم الزعتري
حرارة مرتفعة وكميات شحيحة من المياه وانقطاع للكهرباء طوال النهار، صيف صعب يعيشه اللاجئون السوريون في مخيم الزعتري شمالي الأردن، والذي يتفاقم عندما تضرب المخيم العواصف الرملية، وعندها تغطي الرمال كل شيء.
ومع شروق الشمس يستيقظ اللاجئون بسبب الحر الذي يمنعهم من النوم، مترقبين حلول المساء واعتدال الجو.
عالية هي أم لسبعة أطفال أصغرهم يبلغ من العمر سنة ونصف، تقول إنها وأطفالها لا يستطيعون البقاء داخل الكرفان خلال النهار بسبب شدة الحرارة، فـ"الكرفان صندوق حديدي ويصبح الهواء ساخنا جدا وكأنه يغلي، نقضي الوقت خارجه تحت مظلة صغيرة من قماش خيمة نصبها زوجي كيفما اتفق أمام الكرفان، ونلاحق الظل كل حين بحسب اتجاه الشمس".
وتعزو عالية إصابة أطفالها بالإسهال والالتهابات المعوية إلى ارتفاع درجات الحرارة خلال الأسابيع الماضية، مضيفة "ليس أطفالي وحدهم، لاحظت أن الكثير من أطفال الجيران أيضا يعانون من الأعراض ذاتها خلال فترة الحر".


وتضيف "عدنا لاستخدام مراوح يدوية من الورق المقوى كالتي كنت أراها عند جدي، فالكهرباء تقطع من الثالثة فجرا وتعود عند الثامنة مساء، ونحاول استغلال هذا الوقت لشحن الهواتف وتبريد بعض الماء".

لا كهرباء
وتتابع بأن الحر يفسد الأطعمة حيث لا يمكن الاحتفاظ بها في البراد بلا كهرباء، "يجب أن نطهو ما يكفينا لوجبة واحدة، وأيضا أن نشتري ما سنأكله من طعام خلال ساعات، وإلا سيتلف كل شيء ونضطر لرميه".
هذا وقد كانت الكهرباء مقطوعة عن المخيم كليا لأكثر من خمسة شهور، إلى أن عادت بشكل جزئي خلال الليل مع بداية شهر رمضان الماضي، ومؤخرا تم تقليص ساعتين من مدة وصول التيار. ويعتبر اللاجئون في المخيم أن حاجتهم للكهرباء خلال النهار أكبر منها في الليل وخاصة في الصيف، لكن ذلك يعني استهلاكا أكبر.
ويحاول اللاجئون التأقلم مع الظروف المناخية والتخفيف من آثارها بوسائل بسيطة جدا، فهناك من يستبدل أرضية الكرفانات الخشبية بأخرى إسمنتية، والبعض يصل بين كرفانين بما يتوفر من ألواح توتياء أو مشمع أو قماش ليصبح لديهم فسحة من الظل يستخدمونها كصالة للمعيشة.
أم علاء امرأة كبيرة في السن تقول إنها في فترة القيظ لا تستطيع البقاء في الكرفان الخاص بها، فتذهب إلى بيت جيرانها حيث لديهم فسحة بتهوية أفضل، مضيفة أنه في ساعات الظهيرة تجتمع بعض النسوة هناك، وخاصة أمهات الأطفال الرضع لأن الصغار لا يحتملون الحر.
مشكلة المياه
من ناحيتها تعتبر أم فراس -وهي لاجئة تقيم في المخيم أيضا- أن شح المياه أسوأ من انقطاع الكهرباء، فالخزانات العامة الموزعة في المخيم، يتم ملؤها كل أربعة أيام، والتي تفرغ في اليوم ذاته، مضيفة أنها تملأ ما لديها من آنية وبرميل صغير، ويجب أن تكفيهم هذه الكمية للاستحمام والغسيل والطبخ والشرب والتنظيف لأربعة أيام كاملة.
وتشير إلى أن عليهم الاقتصاد كثيرا في استخدام المياه، قائلة "اليوم نفد الماء تقريبا، لدينا ماء للشرب فقط، سننتظر ليومين إلى أن تملأ الخزانات العامة، حتى من أجل الصلاة يجب أن نبقى على وضوء واحد من الظهر حتى العشاء".
والأسوأ هو عندما تضرب المخيم العواصف الرملية، وتضيف أم فراس أن "الرمال تغطي كل شيء بما في ذلك نحن، يجب أن نصبر لأيام والرمل يغطي حتى جفوننا بانتظار الماء، وكأننا جثث تم انتشالها من القبور".
المصدر : الجزيرة

JoomShaper